-->
»نشرت فى : الاثنين، 1 سبتمبر 2025»بواسطة : »ليست هناك تعليقات

العقول تحكم ... لا السيوف _ الكاتب ابو عمر ابراهيم الجفال


 قصة قصيرة .

العقول تحكم ... لا السيوف

 بقلم : أبو عمر إبراهيم الجفال

" حين تغيب الحكمة يعلو صليل السيوف ...

 لكن النصر لا يُكتب إلا للعقل ."

يحكى انه كان ياما كان ... بقديم العهد والزمان ، كان هناك ملك شاب لإحدى  البلدان وكان حديث عهدٍ بالحكم ، لا يفقه الكثير من شؤون السياسة وإدارة البلاد . وكان له وزير يُدعى خليل ، رجل ماكر شديد الدهاء ، جمع بين الفطنة والذكاء والقسوة ، وكأنه أحد تلاميذ الشيطان ، إن لم يكن الشيطان ذاته .

وذات يوم ، دبّر خليل خطة محكمة ليغتصب العرش بمساعدة بعض ضعاف النفوس والمتواطئين معه .

( بداية المؤامرة ) 

دخل خليل على الملك وقال :

ـ  مولاي ، لا يليق بك أن تبقى حبيس القصر . اخرج للصيد ، أو قم بزيارة مدنك لترى بعينيك أحوال رعيتك .

فأجابه الملك بحماسة:

ـ  إن رافقتني ، فسنذهب غداً  إلى مدن الجنوب  لنطمئن على أهلها .

ابتسم خليل ابتسامة خبيثة وقال :

ـ مولاي ، إن ذهبنا معاً  فمن يدير شؤون الحكم هنا ؟ أخشى أن يستغل بعض الحلفاء غيابك فيتآمروا مع أعدائك. لذلك أقترح أن ترافقك كتيبة صغيرة مع وزير الدولة حسام الدين ، فهو كفء وحكيم . أما أنا فسأبقى في القصر لأحفظ الأمن وأدير البلاد .

اقتنع الملك بالفكرة ، وجهز الموكب للرحلة في صباح اليوم التالي . وفي لحظة الوداع ، رافقهم خليل حتى مشارف المدينة ، ثم عاد إلى القصر وهو يتذوق لذّة السلطة ، كأنما أصبح الملك فعلاً . وما إن استقر في مجلسه حتى أرسل رجالاً ملثمين لاغتيال الملك وحاشيته ، معلناً نفسه سيد البلاد ، وسجن كل من اعترض من الوزراء والقادة  .

 ( انقلاب السحر على الساحر )

لاحق الملثمون القافلة ، وظنوا الجميع نائمين ، فانقضوا عليهم بغتة . لكن المفاجأة كانت قاتلة ؛ إذ انقض الملك ورجاله عليهم فقتلوا بعضهم وأسروا الباقين .

 فقد كان وزير الدولة حسام الدين قد ارتاب من الرحلة المفاجئة ، وحذر الملك ، ورتب كميناً أوقع المتآمرين في فخهم .

أثنى الملك على حسام الدين وشكر شجاعة حراسه ، لكن الوزير قال بحكمة :

ـ لا يزال الخطر قائماً يا مولاي ، فمن خانك في القصر لن يقف مكتوف الأيدي . أقترح أن تعود متنكراً كفلاح ، لنكشف ما جرى في غيابك .

اقتنع الملك بالخطة ، ودخل المدينة متنكراً مع قلة من رجاله . وهناك سمع من الناس أن وزيره خليل قد أعلن أن الملك تنازل عن الحكم ، واعتزل ليعيش بسلام بعيداً عن المسؤوليات .

ثارت حمية الملك وهمَّ بالانقضاض على القصر فوراً ، لكن حسام الدين أوقفه قائلاً :

ـ مهلاً يا مولاي ، خليل ماكر ، ولن نطيح به بالسيوف وحدها . يجب أن نسقطه بدهائه نفسه .

( خطة الاسترجاع ) 

جلس الملك ورجاله يتشاورون ، حتى اقترح حسام الدين خطة بارعة :

ـ سندخل القصر كتجّارٍ جلبوا هدايا للملك الجديد . والهدايا سيوف دمشقية نفيسة . وما إن ندخل البلاط حتى نخرجها في لحظة واحدة . أما أنت يا مولاي ، فاكشف عن وجهك عندها ، فتخور عزيمة الجميع . وسأمسك بخليل بيدي لأضعه تحت قدميك .

وافق الملك ، وفي اليوم التالي دخلوا مجلس خليل في هيئة تجار . تقدموا بالهدايا ، فاستقبلهم خليل متبختراً على عرشه ، ولم يدرِ أن نهايته على مرأى عينيه .

وما هي إلا لحظات حتى سُحبت السيوف ، وكشف الملك عن وجهه . جمد الدم في عروق الحاضرين ، فيما خرّ خليل صريعاً تحت قدمي سيده الشرعي . وسيطر رجال الملك على المجلس ، وفُكّ أسر القادة والوزراء .

( خاتمة )

منذ ذلك اليوم ، لم يعد الملك كما كان ؛ بل نضج فكره ، وتعلم أن الحكم لا يستقيم بالقوة وحدها ، بل بالحكمة والرؤية الثاقبة . ومنح وزيره الأمين حسام الدين صلاحيات أوسع ، مكافأةً على إخلاصه وشجاعته .

وهكذا ، انتصر العقل على السيف ، واستعاد الحق عرشه.

                         بقلم  

                       الكاتب 

          ابو عمر ابراهيم الجفال 

    اضف تعليقاً عبر:

  • blogger
  • disqus

الابتسامات

0102030405060708091011121314151617181920212223242526272829303132333435363738394041424344

design by : bloggerinarab, powered by : blogger
كافة الحقوق محفوظة لمدونة مجلة المســــ العربية ـــــاء 2014 - 2015