الإنبعاث من تحت الرّماد _ناهد الزيدي

 الإنبعاث من تحت الرّماد _ناهد الزيدي

أما نحن يا بني فلا أرض تحتوينا و لا حضن يضمنا ..

النهر الذي أمامنا لا زال .. لا زال طويلا حتى ينتهي

ندور حوله كي نعرف النهاية .. لا ! لكي ندرك النهاية و نعيشها

تعتورنا أسئلة كثيرة و لكن مرة نجيب و مرة لا نجيب !

تحضر الإجابة و تغيب ..

العبث مع الحياة محال و مع الموت محال .. ننظر إلى أنفسنا كوردة في بستان أخضر نبتت من تحت تربة ميتة .. و ستموت و ستكسر ثم تعود إلى الحياة و تعاود الإنبعاث و تموت .. في الفصول الأربعة ستموت ألف مرة و تحيا ضعفاً .. شتاء ستتجمد و تكسر مثل قطعة زجاج و ربيعا ستزهر و تعود إلى جمالها و صيفا ستذبل من شدة الحر و الوهج و خريفا ستصفر و تسقط ..

أ رأيت ! هي تتجدد و تنبعث من جديد و لا تستسلم لتقلبات الحياة ..

حرة تعيش وسط الزحام .. وسط السكوت و الخذلان .. أ تعلم من التي نتحدث عنها ؟ نتحدث عن أرض الأحلام و الآمال ، أرض النساء و الشباب ، أرض المقاومة و الصبر .

ستجد يوما من يعترضك ؛ مقاوم من أسياد فلسطين يقول لك :

" رغم الجروح التي تفتكني وأنفاسي التي تحسب لي، سأقاوم حتى يفرغ جسدي من دمائي.. دمائي التي ستسقي هذه الأرض الطاهرة.

لا أريد سماع عويل النساء من حولي، بل أتوق إلى سماع زغاريدكم لأني عريس في جنة الله.

زغاريد تملأ القدس لقداستها، جعلوها حطامًا، ولكن هي في أعيننا خضراء تخرج من جوفها الورود التي تزهر قلوبنا..

لا تقلقوا حتى وإن خذلونا العرب..

سنحيط هذه الأرض من جلدنا ونجدّدها ونحيا فيها حتى وإن متنا.

ليس المهم أن يُخلدنا التاريخ، المهم هو أن تبقى قدسنا مخلدة حتى القيامة..

بعد موت الضحايا بالقصف وخروج الأهالي الأحياء

ظهر طفل يقول: "وا أسفاه عليكِ يا أمتي.. وا أسفاه على هذا القدر، وا أسفاه على هذا الصمت..

نحن في جوف بركان، وهم في نعم الدنيا يقولون تلك هي الأقدار..

ألا تدرون من كان هنا؟

كان الصحفي، وقد قذفه صاروخٌ قطع رأسه، كان "يوسف"، شعره كورلي أبيضاني حلو..

كان كمال هنا..

كانت أم تلك الصغيرة هنا..

كانت تلك العجوزة هنا..

كانت غزّة هنا..

كانت المباني هنا..

ونحن الآن هنا، وبعد قليل لن نكون هنا.."

و رغم ذلك ستلد الأمهات أسيادا يخلفون الأموات ، و بنات يحملون الرّاية..."